كنا في السابق نسمع ونشاهد أن هذا الخلق يصدر من كبار سواءً كانوا رجالا ً أو نساءً ولكن أن يصدر هذا الخلق العظيم من صغار لم يتجاوز أعمارهم التاسعة من عمرهم فهذا غير مألوف .
أحداث هذه القصة حدثت في أحد الأيام داخل الفصل الدراسي حيث من عادتي في نهاية الأسبوع أكرم المتميزين من طلابي من خلال الحصول
على أكثر نقاط في طريق الإنجاز من خلال برنامج إلكتروني يحسب عدد النقاط التي يحصل عليها كل طالب حينما يتميز بأداء واجباته وتفاعله مع معلمه داخل الصف وأيضا حينما أشاهد أحدهم يتصرف داخل الصف ببعض التصرفات الجميلة العفوية التي تدل على مدى الخلق الجميل المكنون داخل قلب هذا الطفل الصغير .
كانت النتيجة بأن يتنافس مجموعة من الطلاب على الحصول على الإسديري الذي يرتديه الفائز بهذه المنافسة وعملت القرعة فيما بينهم حتى وقعت القرعة على خمسة من الطلاب كل واحد منهم يرتدي هذا الإسديري لمدة أسبوع ثم يرجعه وهكذا طيلة أسابيع الدارسة وكان من بين المتسابقين طالب اسمه عبدالمجيد يتمنى أن يحصل عليه فمع السحب على الطالب الأول كان يردد يا رب أفوز به ومر الفائز الثاني والثالث والرابع حتى وصلنا للفائز الخامس وكانت المفاجأة لم يفز عبدالمجيد بل فاز زميله محمد به فلكم أن تتصور كيف حاله وعلامات الندم والحسرة بل تلك العينان بدأت تبكي على عدم الحصول على هذا الإسديري فحاول الطالب يستعطفني بأن أعطيه أحد الإسديريات فقلت له كيف أعطيك إياه وقد حصل عليه زملائك بالقرعة ولم تفوز به وبدأت أحاول تهدأته وتشجيعه بأن يواصل الاجتهاد في الأسبوع القادم
وهنا حدثة المفاجأة إذ بي أسمع صوت أحد طلابي يناديني يا أستاذ فلتفت فإذا به صوت تلميذي محمد يا أستاذ ممكن أن تسمح لي بأن أعطي زميلي عبدالمجيد الإسديري على أن يرجعه له بعد الإجازة فتعجبت لهذا التصرف والخلق الجميل وقلت لا مانع لدي وما أن قلت هذه الكلمة إلا والابتسامة تغمر محيا الطالب عبدالمجيد وانقلبت تلك الدمع من دمع حزن إلى دموع فرح وسرور يا الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله على هذه التربية التي تربى عليها هذا الطالب فهنيئا ً لوالديه على التربية وحفظه الله من كل سوء ومكروه فقد كبر الطالب في عيني لما رأيت من حسن تصرفه فهل يعقل الكبار هذا التصرف ويستفيدو منه ارجو ذلك .
القصة لم تنتهي بعد وهناك أحداث أجمل وأغرب مما قرأتم وبعد إرجاع الإسديري من عبدالمجيد لمحمد إذ بعبدالمجيد يقول لي يا أستاذ أنا أحضرت هدية فسألته لمن وما سببها قال لزميلي محمد الذي أهدى لي الإسديري فصدمت مرة أخرى وخلق آخر أكتشفه في طلابي يوما ً بعد يوم وقال لي أريد أن أكرمه في الاصطفاف الصباحي وفعلا ً أتى اليوم التالي وأبلغت قائد المدرسة فأعجب بهذا التصرف وبعد الانتهاء من الإذاعة الصباحية تحدثت عن هذه القصة للطلاب وناديت الطالبين محمد وعبدالمجيد وقدم عبدالمجيد الهدية لزميله محمد في لوحة فنية رائعة تسودها المحبة والألفة والتقطت الصورة التذكارية للجميع وانتهت حكاية تلك القصة الجميلة التي كان أبطالها صغار ولكنهم كبار في عقولهم وخلقهم ففعلا ً يصدق عليهم قول الشاعر
وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ
انتهت حكايتنا وإلى لقاءٍ قريب ٍ بإذن الله تعالى
بقلم الأستاذ / أحمد بن خليفة المجناء
معلم بمدرسة مكة لمكرمة الابتدائية بمحاسن أرامكو ( السعودية - الأحساء )